شركة ناشئة لبنانية تطوّر طائرات من دون طيار أكثر ذكاءً

يمكن أن تكشف الطائرات الذكية من دون طيار من ابتكار شركة نكست اوتومايتد روبوتس التسربات النفطية والغازية.


في أرض أوز الرائعة، أراد الرجل الحديدي الحصول على قلب، وأراد الأسد الجبان التحلي بالشجاعة. أما الفزاعة فأرادت الحصول على دماغ. وبعد مئة عام ونيف، سعت كل من شركات التكنولوجيا مثل آبل وغوغل ومايكروسوفت وآمازون Amazon إلى إحياء مساعدها الشخصي ومنحه روحًا-وفي حالة آبل قد يجيبك المساعد الشخصي الذكي سيري Siri بوقاحة-فيما تعمل نكست اوتومايتد روبوتس Next Automated Robots على تحويل الطائرات من دون طيار إلى طائرات ذكية.
نكست اوتومايتد روبوت، أي الروبوتات المستقبلية المبرمجة، شركة ناشئة واعدة أُنشئت في بيروت وتعمل على تطوير طائرات ذكية من دون طيار. لا تصنع الشركة بنفسها طائرات من دون طيار بل اختارت أن تزود نماذج الطائرات الحالية بمشغّل وبرنامج الكتروني وأجهزة استشعار إن تطلب الأمر، بغية تسريع مجرى بعض العمليات.
"الطائرة من دون طيار هي منصة بحد ذاتها"
تعود الفكرة إلى تشارلي الخوري ونيكولا زعتر البالغين من العمر 23 عامًا. وكانا قد طوّراها في الأصل خلال عامهما الجامعي الأخير كمشروع  تخرجهما. مبدئيًا، تجمع الطائرات من دون طيار المعلومات ميكانيكيًا وتعيدها إلى نظام أرضي. إلا أن نكست اوتومايتد روبوت تعتبر أن دمج الطائرات من دون طيار والسوفتوير المرتكزة على متن مركبة يشكل جوهر التكنولوجيا الفعلي. ويقول الخوري "الطائرة من دون طيار هي منصة بحد ذاتها" وأن المكسب الأساسي من هذا المسعى هو القدرة على إصدار الإشعارات على الفور في الحالات الحرجة والمرتبطة بالاستجابة السريعة.
ظننت من الانطباع الأول أن هذا النموذج الجديد يكاد لا يختلف عما كنا قد توصلنا إليه. ألا ينبغي أن يكون جمع المعلومات ونقلها ومعالجتها مطابقًا تمامًا لجمعها ومعالجتها ومن ثم نقلها.  لا تزال العناصر كلها موجودة. الفرق أننا بدلنا ترتيب إثنين منها، فقط لا غير. ففي المنحى الأول، يتطلب النقل وقتًا أكبر وبما أن المعالجة تجري على الأرض، ينبغي على الطائرة من دون طيار أن تنقل معلومات كبيرة الحجم، لاسيما إذا كان محتوى الصور أو الفيديوهات ضروريًا. عادة، لتخفيف حجم المعلومات المنقولة، يتم تخفيض نوعية المحتوى فيصبح نقله أسرع. لكن هذه التسوية تؤدي إلى تقديم معلومات رديئة الجودة، ما يؤدي بدوره إلى تحليل تملؤه الشوائب أو ذات نوعية رديئة.   
ولكن، إن تمت معالجة المعلومات على متن الطائرة، عندها لابد من أن يكون حجم المعلومات المنقولة أصغر بكثير. وهنا نذكر مثلَ طائرة تراقب أنبوب نفط، ويمكن للرسالة أن تقول: "اكتشاف تسرب نفطي؛ الحجم: متوسط؛ إحداثيات الموقع الجغرافي: شمالاً، شرقًا"، أي رسالة ذات حجم صغير.
بفكرتهما هذه، تمعن خوري وزعتر بدراسة السوق المستهدفة. وفكرا في درس القطاعات التي تضم فسحات كبيرة يصعب الوصول إليها أو مراقبتها بشكل فعّال بسبب حجمها الكبير، فضلاً عن القطاعات التي تحمل أخطارًا محتملة كبيرة وحيث يكون التدخل السريع ضروريًا. في نهاية المطاف، فضّلا التركيز على قطاع النفط والغاز وتطوير برامج الكترونية قادرة على اكتشاف التسربات النفطية والغازية. ولهذا السبب، تم تجهيز الطائرة من دون طيار بجهاز استشعار للصور وآخر للحرارة. وتود شركة نكست اوتومايتد روبوت التعاون مع مصنعي الطائرات من دون طيار. وهي بالفعل تتواصل مع عدد من المصنّعين من فرنسا وأستراليا والولايات المتحدة وكندا الذين أبدوا استعدادهم للتعاون بحسب الخوري.
العمل على الأجهزة الإلكترونية
يتمحور التواصل عادة حول النواحي التقنية للمكينات المتوفرة كأنواع أجهزة الاستشعار على متن المركبة وسعة الحمولة والتصميم الخارجي للطائرة من دون طيار. صحيح أن نكست اوتومايتد روبوت تصب تركيزها على البرامج الالكترونية، إلا أنها تعمل أيضًا على الأجهزة الإلكترونية. بعض النماذج المتوفرة مجهزة بأجهزة استشعار، لكن الشركة اضطرت إلى إضافتها في بعض الأحيان. ورحب المصنعون بفكرة إجراء بعض التعديلات على تصاميمهم أحيانًا لتلبية احتياجات نكست اوتومايتد روبوت.
صرّح الخوري أخيرًا أن شركته تطمح إلى بناء الطائرات من دون طيار بنفسها. وبالنسبة إلى شركة ناشئة صغيرة، فإن التركيز على البرنامج الالكتروني هو خيار استراتيجي. لكنه لم يخفِ عني شغفهم وطموحهم ببناء طائراتهم الخاصة. وإن سارت الأمور وفقًا للخطة المرسومة، يتوقع الخوري أن مغامرتهم في العمل على الأجهزة الالكترونية قد تبدأ بعد ثلاث إلى خمس سنوات.
ثمة نواحٍ إيجابية عديدة لبناء الشركة جهازًا الكترونيًا خاصًا بها. وأهم ما في الأمر أن ذلك يعني أن عملها لم يعد مرتبطًا بمجموعات أخرى ما يقلل فرص حدوث تغيرات أو مشاكل مفاجئة. فإن قرر أحد الموزعين الانسحاب على سبيل المثال، ستضطر نكست اوتومايتد روبوت إلى تغيير تصميمها ليلائم النموذج الجديد. أن تصنع الشركة طائرة من دون طيار خاصة بها يعني أيضًا أنها لم تعد مضطرة للمساومة مع الموزعين الذين قد تختلف أولوياتهم عن أولوياتها في ما يتعلق بالتصميم والأداء.
خضعت نكست اوتومايتد روبوت، التي أنشئت رسميًا في أيلول/سبتمبر من العام 2015، لثلاث برامج تسريع حتى الآن. فبعد الفوز بمسابقة "إيماجن كاب" من مايكروسوفت Microsoft Imagine Cup في أيار/مايو من العام نفسه، شاركت الشركة في برنامج التسريع "سبيد" SPEED في بيروت الذي انتهى برحلة إلى وادي السيليكون Silicon Valley حيث احتلت الشركة المرتبة الثانية في يوم العرض. وتلا ذلك المشاركة في برنامج "بلاك بوكس كونكت" Blackbox Connect لمدة شهرين في كاليفورنيا قبل العودة إلى الوطن والانضمام إلى المؤسسة الحاضنة للشركات الناشئة بيريتيك Berytech حيث يقع مقر نكست اوتومايتد روبوت الحالي.
وتتوقع نكست اوتومايتد روبوت أن تصدر منتجها التجاري الأول بعد ثلاثة أشهر. ومن ناحية أخرى تهدف الشركة إلى توسيع عملها ليتعدى مجال النفط والغاز. إذ  يمكن أن يضاف نموذجها إلى عدد من القطاعات المناسبة، لاسيما رصد الحرائق الهائلة ومراقبة القطاع الزراعي وعمليات الإنقاذ والإشراف والشحن ومراقبة حالة السير.

ليست هناك تعليقات