أسرار تخزين الذاكرة للخبرات الحياتية المؤثرة




أثبت علماء وباحثون أميركيون ويابانيون وهنود -للمرة الأولى- العلاقة بين تخزين الخبرات الحياتية في الذاكرة الطويلة المدى من ناحية، وحجم وشكل التشابكات العصبية في قشرة الدماغ، من ناحية أخرى.

نشر ذلك في العدد الأخير من مجلة "نيورون" الأميركية الصادرة في 10 يونيو/حزيران الحالي، وأجريت الدراسة بالتعاون بين مركز بيكاور التابع لمعهد تكنولوجيا ماساتشوستس الأميركي بقيادة الدكتور سوسومو تونيغاوا (الحائز على جائزة نوبل عام 1987)، وجامعة جونز هوبكنز الأميركية، ومعهد تاتا للأبحاث في الهند.

أنتج الباحثون فئرانا محورة وراثيا، بحيث يتم إنتاج التشابكات العصبية (synapses) في قشرة دماغها (cortex) بصورة غير طبيعية (مشوهة)، بينما تركت التشابكات العصبية لتأخذ مسارها الطبيعي في منطقة (هيبوكامباس) في عمق الدماغ.

ووجد الباحثون أن عملية إنتاج الذاكرة القصيرة المدى –التي يعتقد أنها تحدث في الهيبوكامباس– لم تتأثر، بينما لم يحدث تحول وتخزين للخبرات من الذاكرة القصيرة المدى في الهيبوكامباس إلى الذاكرة الطويلة المدى في القشرة الدماغية (المشوهة).
”تعد هذه الدراسة أول تأكيد للاعتقاد السائد في الوسط العلمي – والذي لم يقم عليه دليل من قبل– بأن ثمة أماكن في المخ تعمل "كمخازن" لما يكتسبه الإنسان من معارف وخبرات”
وقد تعرف الباحثون على ذلك من خلال تعريض فئران محورة وأخرى طبيعية لما يعرف بمتاهة الماء، وهي الوسيلة التقليدية لقياس مستوى ذاكرة الفئران. فنجحت كل الفئران المحورة والطبيعية في عبور هذه المتاهة في بادئ الأمر، ولكن بعد أسبوعين، لم تتمكن الفئران المحورة من عبورها ثانية، لافتقادها الذاكرة الطويلة المدى بسبب تشوه قشرة الدماغ.
 
وتعد هذه الدراسة أول تأكيد للاعتقاد السائد في الوسط العلمي – والذي لم يقم عليه دليل من قبل– بأن ثمة أماكن في المخ تعمل "كمخازن" لما يكتسبه الإنسان من معارف وخبرات.

فعندما يمر الإنسان بخبرة ما، أو يتعرف على حقيقة ما بصورة متكررة، أو عندما يكون لهذه الخبرة الحياتية أثر شعوري قوي، فإنها تتحول من الذاكرة القصيرة المدى –في منطقة هيبوكامباس– إلى ذاكرة طويلة المدى في قشرة الدماغ. ويعتقد أن ذلك الجزء هو المسؤول أيضا عن العمليات الإدراكية العليا مثل التفكير المجرد والقدرة اللغوية.

كذلك تلقي هذه الدراسة الضوء على مشاكل الذاكرة والاختلالات الإدراكية عند مرضى الاضطرابات العقلية. فالجينات (المورثات) المرتبطة بالتخلف العقلي هي نفسها المسؤولة عن تنظيم التشابكات العصبية حال تكوينها. ومن ثم فإن التشابكات العصبية غير الطبيعية غالبا ما تكون هي السبب وراء الاختلالات الإدراكية المصاحبة للتخلف العقلي.


المصدر 

ليست هناك تعليقات