ماذا نعرف عن الضغط النفسي؟!
ماذا نعرف عن الضغط النفسي؟!
أصبحنا معتادين مؤخرًا على سماع أصدقائنا أو أقاربنا يتعرضون لضغوط نفسية، بل وربما نتعرض نحن لمثل تلك الضغوط، ولكن هل تعلم أن شخصًا من أصل أربعة أشخاص قد خضع لعلاج نفسي بسبب تعرضه للضغط والتوتر، وأن 43% من البالغين يعانون من تأثيرات الضغط النفسي السلبية على الصحة! وبنسبة من 75% إلى 90% من زيارات المرضى للأطباء تكون بسبب تأثير الضغط النفسي عليهم.
مبدئيًا الضغط النفسي كما عرفه (هانز سيلي-hansselye)، وهو أول من بحث ووضع تعريفًا في مجال الضغوط النفسية، يعرفالضغط النفسي بأنه استجابة غير محددة من الجسم لمواجهة أي تغيير.
أسباب الضغط النفسي:
هناك أسباب عامة تسبب التوتر مثل الشعور بالتهديد، كأن تكون مهددًا اجتماعيًا أوماليًا، ثم هناك الخوف والذي قد يحدث نتيجة للتهديد أو يكون مصاحبًا له، فالخوف يؤدي لافتراض نتائجَ لم تحدث بعد وهو مصدر التوتر، الشك أيضًا يصبح من الأسباب العامة للشعور بالتوتر، فنحن نشعر بأننا نفقد السيطرة على مجريات الأمور، وهو ما يؤدي بنا للشعور بالتهديد.
التنافر المعرفي(Cognitive dissonance) هو عبارة عن فجوة بين ما نعرفه مسبقًا وما نختبره في الواقع، أواختلاف بين فكرتين داخل عقل الفرد، فينشأ صراع داخل العقل البشري يؤدي للشعور بالضغط النفسي المصاحب بالتوتر، وهو ما يدفع العقل لآلية دفاع وهي اختيار الخيار الأكثر توافقًا مع المعتقدات الراسخة أو مع المجتمع.
كما توجد أسباب أخرى، مثل موت شخص مقرب أو الإصابة بمرض ما، وقد يكون التعرض للتحرش سببًا رئيسيًا لأنه يسبب عدم الشعور بالأمان والشك والتهديد، وهو ما يؤدي بالضرورة للشعور بالتوتر والإجهاد، وتعاطي المخدرات والكحوليات، والمشاكل الأسرية والجنسية، كما يمكن أن يحدث التوتر نتيجة لمتطلبات العمل؛ مثل الموعد النهائي لانتهاء مهمة ما.
أنواع الضغوط النفسية:
1- الضغط النفسي الحاد:
هو أكثرأنواع الضغط النفسي شيوعًا،ويظهر بسبب مطالب متراكمة في الماضي وضغوطات أيضًا، كما ستكون هي نفسها مطالب وضغوط المستقبل المتوقعة.التوتر الحاد هو جرعات صغيرة من الإثارة ولكنها ترهق على المدى الطويل،على سبيل المثالفه و كأن تنحدرسريعًا أسفل منحدر للتزلج،في الصباح يكون أمرًا ممتعًا وشيقًا أما في المساء يكون أمرًا مرهقًا.
وعلى نفس المنوال،فالمبالغة في الإجهاد على المدى القصيريمكن أن يؤدي إلى الضغوط النفسية والتوتر والصداع واضطرابات المعدة وغيرها من الأعراض،لحسن الحظ،يتم التعرف على أعراض الإجهاد الحاد من قبل معظم الناس.
الأعراض الأكثرشيوعًا هي:
– الاضطراب العاطفي، مزيج من الغضبأوالتهيج،والقلقوالاكتئاب.
– مشاكل العضلات بما في ذلك صداع التوتر، وآلام الظهر وآلام الفك، والتوترات العضلية التي تؤدي إلى شد عضلي ومشاكل بالأربطة،وكذلك مشاكل بالمعدة والأمعاءوالقولون،مثل الحرقة وزيادة حامض المعدة وانتفاخ البطن،والإسهال والإمساك وأعراض القولون العصبي.
كما من الممكن أن يؤدي إلى:
– ارتفاع في ضغط الدم،وسرعة ضربات القلب، وخفقان القلب.
– الصداع النصفي والدوخة.
– تعرق راحتي اليد،وبرودةاليدين أوالقدمين.
– ضيق في التنفس وألم في الصدر.
التوتر الحاد يمكن أن يحدث لأي إنسان ولكنه قابل للعلاج ويمكن التحكم فيها.
2- الضغط النفسي الحاد العرضي:
يوجد أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية حادة فيكثيرمن الأحيان،وهم الذين تتميز حياتهم بالاضطراب، فهم موضع للدراسة في حالة من الفوضى والأزمات،إنهم دائمًا في عجلة من أمرهم،فهم يواجهون حملًا أكبرمن مقدرتهم،ولايمكنهم التوفيق بين مطالبهم الذاتية والضغوط التي تستدعي انتباههم، فهم يبدون دائمًا في توتر حاد.
غالبًا ما تكون شخصية الفرد منهم وطريقةحياته متأصلة،فهم لايرون أي خطأ في طريقة تسيير شئون حياتهم،يلقون باللوم على الآخرين والأحداثا لخارجية! ويتميز الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد الحاد بسرعة الغضب والانفعال،والقلق والتوتر. وهم يملكون الكثير من الطاقة العصبية،وتكون ردود أفعالهم مفاجئة وعصبية، وأيضًا علاقاتهم الشخصية تتدهوربسرعة بسبب عدوانيتهم مع زملائهم.
وأعراض الإجهاد الحاد العرضي هي:
– الصداع الناتج عن التوتر المستمر، والصداع النصفي.
– ارتفاع ضغط الدم.
– آلام في الصدر وأمراض القلب.
علاج الإجهاد الحاد العرضي يتطلب مساعدة مهنية،وهو ما قد يستغرق عدة أشهر.
3- الضغط النفسي المزمن:
رغم أن التوتر الحاد والتوتر الحاد العرضي غالبًا ما يكونان بمثابة المثير والدافع للفرد، إلا أن التوتر المزمن على عكسهما، فهو مدمر لصحة الإنسان الجسدية والنفسية والعقلية، فيستمر في الهدم يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام، وهو ما يصل إليه الإنسان عندما يجد نفسه محاصرًا بالظروف وغير قادر على الخروج منها، فهو يكون نتيجة وطأة الضغوط والمطالب المتراكمة، وقد يصاب الشخص بالتوتر المزمن بسبب مجموعة خبرات ومواقف شخصية تعرض لها وهو طفل، فيكون لها التأثير الأعمق وتقوم بتشكيل نظرته للعالم أو للحياة عمومًا، فيكبر متعلقًا بعدة مفاهيم تسبب له توترًا مزمنًا.
ولكن أسوأ جزء في التوتر المزمن أن الناس تعتاد عليه، فعلى عكس التوتر الحاد الذي يعيه الناس بسرعة لحداثته في حياتهم، فإن التوتر المزمن يأخذ شكل وطبع حياتهم، وبتجاهلهم له يصبح معتادًا ومألوفًا بل ومريحًا لهم!
التوترالمزمن قد يؤدي للانتحار والعنف والأزمات القلبية والسكتة الدماغية،وربما حتى السرطان! لأن هيقضي على الموارد المادية والعقلية من خلال استنزاف طويل الأمد،وأعراض الإجهادالمزمن يصعب علاجها،وقديتطلب علاجها العلاج الطبي والسلوكي وجلسات التحكم في التوتر.
التأثير الهرموني داخل الجسم:
– يتم إطلاق هرمونات التوتر،مثل: (الكورتيزول-cortisol) و(النورادرينالين-norepinephrine) في فترات من التوترالعالي،ويعرف هذا بنظام ' h ' لغددالصماء.
ومن تأثيرات التدفق الواسع لهذه الهرمونات:
– زيادةمعدل ضربات القلب وتدفق الدم في العضلات.
– انخفاض معدل الحركة المعوية.
– تضيق الأوعيةالجلدية.
– زيادة الجلوكوز.
– توسع القصبات الهوائية.
كما أن التغيير في مستوى(البرولاكتين-prolactin)قديؤثر على جهازالمناعة أوبعض جوانب التوازن، وأيضًا فإنزيادة إفراز هرمون الكورتيزول يؤدي لترسب الدهون، كما أن انخفاض هرمون(الليبتين-leptin) وزيادةهرمون(جريلين-ghrelin)يؤدي إلى زيادة الشهية وتناول الطعام، هذه الظاهرة تساهم في مرض السمنة المنتشر حاليًا.
وكما يقل معدل الأنسولين في الدم بالتزامن مع زيادة الهرمونات المضادة له التي تقوم برفع مستوى السكر في الدم، وهو مايؤدي لزيادة خطر الإصابة بمرض السكري.
بالنسبة للتأثير على الغدد التناسلية، فإن تأثير التوتر على الرجال يؤدي لنقص عدد الحيوانات المنوية وحركتها وشكلها، كما يرتبط التوتر بالضعف الجنسي واضطرابات في القذف، وقد يؤدي للعقم لدى الذكور!
أما بالنسبة للإناث فإن الضغط النفسي والتوتر المزمن يؤدي لضعف القدرة على الإنجاب، كما يحدث خللًا في الدورة الشهرية، وقد يؤدي لانقطاعها.
في المجمل فإن مستوى الهرمونات في أجسامنا قد تغير بالزمن لنتكيف مع الآثار المدمرةكمحصلة للإجهاد، ولكن بالرغم من هذا فإن التعرض الطويل لفترات الإجهاد والتوتر والضغط النفسي يؤدي لعواقب وخيمة قد تؤثر بالغدد الصماء، وبالتالي تؤثر على صحة الفرد.
المصدر
التعليقات على الموضوع