غرائب لا تعرفها عن المجموعة الشمسية



ظل الفضاء عالما غامضا لسكان الأرض عبر قرون طويلة، فظن القدماء أن نجوم السماء هي ثقوب تطل على النار، وأن الأرض مركز الكون الذي تسير في رحابه كل أجرام السماء بما فيها الشمس والكواكب والقمر، بل ظن بعضهم أن السماء تنتهي بمجرد ارتفاع بضع عشرات من الأمتار فوق الأرض كما فعل الفراعنة القدماء حين بنوا صرحهم الشهير.

ومع تطور العلم ودخول عصر الفضاء بما فيه من تلسكوبات متقدمة سبرت أعماق الكون السحيق ومركبات فضائية وصلت إلى أماكن لم يتخيل الإنسان الوصول إليها في يوم ما أصبح يسيرا إبطال الهرطقات القديمة وتفسير العديد من ألغاز الكون.

وعلى الرغم من ذلك فإن التقدم الكبير في حقول الاستكشاف الفضائي الواسعة التي يعمل فيها آلاف مؤلفة من العلماء والمهندسين وخبراء البرمجة قاد بدوره إلى ظهور الكثير من الألغاز والتساؤلات التي لم يجد لها العلماء حلا ولا تفسيرا حتى الآن.. نتحدث في ما يلي عن ثلاثة منها.

إكليل الشمس أشد حرارة من سطحها

فعلى الرغم من أن درجة باطن الشمس تربو على 15 مليون درجة مئوية بما يكفي لدمج نوى ذرات الهيدروجين الأربع في نواة واحدة هي الهيليوم تصاحبها طاقة هائلة على شكل حرارة وضوء وإشعاعات مختلفة فإن درجة حرارة سطح الشمس الذي لا يبعد سوى سبعمئة ألف كيلومتر فقط عن ذلك الفرن النووي تبلغ ستة آلاف درجة فقط.

لكن الغريب في الأمر أن درجة حرارة الغلاف المحيط مباشرة بالشمس وهي طبقة الإكليل الشمسي التي لا ترى إلا أثناء الكسوف الكلي للشمس لأنها أخفت من سطح الشمس الأصفر بمليون مرة تبلغ أكثر من مليوني درجة، وهذا الكشف القديم الحديث لا يزال أحد ألغاز الفضاء التي يعتقد علماء الشمس أن للمجال المغناطيسي علاقة بميكانيكية تسخينه.

حرارة إكليل الشمس تزيد على مليوني درجة مئوية مقارنة بستة آلاف درجة مئوية فقط لسطح الشمس

بل لقد وضع العلماء مجموعة فرضيات، لكن أيا منها لم تنجح في فك سر هذا اللغز، فما زالت التقنية التي يمكن أن تساعد على حله لم تطورها بعد المعادلات الرياضيات والهندسة الفيزيائية.

الحلقات في كل مكان بالمجموعة الشمسية

منذ أن شوهدت حلقات كوكب زحل بواسطة التلسكوب في بدايات القرن الـ17 (1609) لم يخطر ببال أحد أن كوكبا آخر يمكن أن يملك هذه الخاصية الغريبة، وذلك إلى أن طافت مركبة فوياجر 2 بالمشتري وأورانوس ونبتون في الثمانينيات من القرن العشرين لتكشف لنا أن الكواكب الخارجية جميعها تمتلك هذه الشيء، وليس ذلك حكرا على كوكب زحل وحده.

لكن هذه الحلقات تتفاوت في سطوعها بتفاوت كثافتها حول الكوكب وبطريقة تكونها، فالمقبول حتى اليوم أن حلقات زحل عبارة عن قمر تفتت حولها، أو أنه قمر فشل في التكون بسبب جاذبيتها، ولأن الكواكب الخارجية هذه كبيرة في حجمها فلم يكن من المستغرب بجاذبيتها العظيمة أن تأسر هذه الحلقات فتجبرها على الدوران حولها.

لكن الأغرب وغير المفسر أبدا هو أن نجد حلقتين من هذه الأتربة والمخلفات تدوران حول كويكب لا يتجاوز قطره 250 كيلومترا (يعرف باسم شاريكلو)، كما اكتشف في المجموعة الشمسية عدد من الكويكبات الصغيرة تدور حولها أقمار كما يفعل قمرنا حول الأرض.

شاريكلو كويكب صغير لكنه يملك حلقتين تدوران حوله

فكل من الكويكبات "سدنا" و"كواوهار" و"سلاشيا" و"أوركاس" التي تدور ضمن نطاق حزام كويبر للكويكبات خلف مدار نبتون تملك قمرا واحدا على الأقل، فما سبب وجود هذه الحلقات، بل ما سبب وجود هذه الأقمار الصغيرة؟ السؤال لا يزال مفتوحا أمام العلماء.

كوكب الزهرة يغلي بالبراكين

كوكب الزهرة هو أقرب الكواكب مسافة وحجما من الأرض، ومن أجل ذلك كان لا بد أن تبلغه مركبات فضاء كثيرة بدأها الروس بمركبة فارينر في عام 1962 تبعتها سلسلة مركبات فينيرا وفيغا، وانتهت بفينوس إكسبرس التي ظلت تدور حول الكوكب تسع سنوات قبل أن تغرق في غلافه الغازي الكثيف عام 2015.

وقد كشفت كل هذه المركبات عن حقيقة البراكين التي تغمر سطح الكوكب وتفسر جزءا من اللغز الذي ظل مخفيا عن العلماء، وهو كيف أن حرارة سطح الزهرة تقارب الخمسمئة درجة مئوية، وهي أعلى حتى من درجة حرارة كوكب عطارد الأقرب من الشمس؟

نصف الكرة الشمالي لسطح كوكب الزهرة كما صورته المركبة ماجيلان 

ثم كشفت عن غلافه الجوي الذي يفوق غلاف الأرض الجوي ضغطا بـ92 مرة، مما يجعله يعمل بمبدأ البيت الزجاجي الذي يسمح للحرارة بالدخول ويمنعها من الخروج، وهو السبب الآخر لارتفاع درجة حرارة الزهرة.

ولكن لماذا تغمر البراكين سطح الكوكب، وهل يمر الكوكب في واحدة من مراحل تشكل الكرة الأرضية قبل 4500 مليون سنة على سبيل المثال، وهل يمكن عبر العصور الجيولوجية المتقدمة أن يبرد شيئا فشيئا ليسمح غلافه الغازي بتشكيل الماء مثلا فيتحول إلى كوكب أرضي جديد؟ كل تلك التساؤلات لا تزال على قائمة الألغاز التي ينتظر العلماء أن يجدوا لها تفسيرات منطقية.

فهل سينتظر العلم طويلا قبل أن تتطور أجهزته وإمكانياته؟ وهل ستظل الدول الكبرى تدفع الميزانيات الكبيرة من أجل استكشاف الفضاء؟ المستقبل كفيل بأن يجيب، ولعله يكون قريبا.

المصدر