السيرة الملهمة لـ “كوبرنيكوس” حجر الأساس لعلم الفلك الحديث



كان الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس هو من قاد الطريق في الأيام المبكرة للنهضة العلمية الحديثة، وأطاح بنموذج مركزية الأرض الذي ظل سائداً في أوروبا لقرون طويلة وطرح نموذجه الجديد لمركزية الشمس متحدياً المعتقدات البالية التي سادت في وقته، فظل نموذجه هذا ملهماً لعقول علمية عظيمة غيرت العالم مثل جاليليو وكبلر.
وابتداءً من كوبرنيكوس ومروراً بجاليليو ووصولاً لنيوتن وأينشتاين فهناك سلسلة من العقول العظيمة أسهمت في العلم بنظريات مبهرة أتاحت لنا فهماً أفضل للكون الذي نعيش فيه، قد نتعرف على حياتهم ومنجزاتهم في مقالات تالية على أن تكون مقالتنا هذه خاصة بمن فتح الباب أمامهم جميعاً ومهد لهم الدرب الذي ساروا عليه من بعده … نيكولاس كوبرنيكوس.

العالم قبل وبعد كوبرنيكوس

earth before and after
افتتن البشر منذ أيامهم الأولى بالنجوم والأجرام السماوية الأخرى، وازداد افتتانهم أكثر في العصر الحديث بالتكوين الدقيق للكون وفهم طريقة عمله، ففي ثلاينيات القرن الماضي وضع ألبرت أينشتاين نظريته النسبية التي أعادت تشكيل الطريقة التي نرى بها الكون، وفي أواخر الخمسينيات انشغلت الولايات المتحدة وروسيا بسباق باهظ لوضع أول جسم ثم أول إنسان في مدار في الفضاء الخارجي، واليوم يتخذ تليسكوب هابل موقعه في مدار حول الأرض فاتحاً لنا نافذة على ما يحدث في أبعاد الكون الفسيحة.
بالعودة للوراء في العصور الغابرة كانت الصورة مختلفة كثيراً عما هي عليه اليوم، فقد ظهرت عند الفلكيين القدامى نظريات لم تكن على أسس وحقائق مستقاة من الأرصاد الفلكية، وكانت أفكارهم غالباً ما تنتمي للمجتمعات التي عاشوا فيها. مثال لذلك قدماء المصريين الذين اعتقدوا بأن الأرض لها شكل يشبه طبق الطعام له غطاء من الهواء على شكل قبة هي موطن النجوم والكواكب الأخرى، وأعدوا تقويماً سنوياً يتضمن كل شهر فيه ثلاثين يوماً، ولأنهم اكتشفوا أن هذا التقويم غير دقيق تماماً أضافوا خمسة أيام احتفالية لآخر شهر في العام، فأضحى تقويمهم مضبوطًا من سنة لأخرى، وباتت دورات فيضان النيل تأتي في وقت ثابت كل عام.
كان هذا النظام ملائماً تماماً لاحتياجات المصريين، فلم يروا سبباً لتعديله، وعلى هذا المنوال سارت الأمم الأخرى حتى أتى كوبرنيكوس الذي انشغل لسنوات بأرصاده الفلكية وحساباته الرياضية، حتى خرج بنظرية جديدة للكون تتخذ فيه الشمس موقعها كمركز، وغدا هذا النظام مختلفاً جذرياً عما كان سائداً في وقت كوبرنيكوس ومجتمعه، وفي النهاية غدا نظامه هذا حجر الزاوية لعلماء آخرين ليبدعوا بناءً عليه خرائط أكثر دقة للسماوات تتوافق أكثر مع حياة البشر اليومية والعملية وتصلح أكثر كأساس لنهضة علمية شاملة.
انطوى بحث كوبرنيكوس على تحديات هائلة للمرجعيات المعترف بها، فاحتفظ كوبرنيكوس بأفكاره لنفسه لسنوات عديدة خشية أن تصبح مثاراً للسخرية والتعرض للاضطهاد، لكن في النهاية انتصر حبه للعلم وإيمانه بمبادئ الملاحظة العلمية ونشر بحثه ليراه كل العالم، وقد تحققت أعمق هواجسه فظلت أفكاره مرفوضة لأعوام طويلة حتى جاء جوهانز كبلر وجاليليو جاليلي وانطلقا من أفكاره لتأسيس علم الفلك الحديث.

نشأته وتعليمه

بلدة تورن اليوم حيث نشأ وترعرع كوبرنيكوس
بلدة تورن اليوم حيث نشأ وترعرع كوبرنيكوس
ولد كوبرنيكوس في 19 فبراير 1473 في بلدة تورن البولندية لأب ناجح يعمل بالتجارة توفي وهو طفل بالعاشرة فتكفل به خاله، كانت تورن بلدة تجارية بها مرفأ حيوي أتاح لكوبريكوس في صغره الاستماع لحكايات البحارة والتجار عن رحلاتهم وأسفارهم ما أيقظ فيه مبكراً الرغبة في البحث والاستكشاف ورؤية العالم خارج موطنه.
حصل كوبرنيكوس على تعليمه الابتدائي بمدرسة ستوديوم بارتيكولاري التي كانت كفيلة بزيادة نهمه للعلم، حتى التحق بجامعة كراكوف وهو في التاسعة عشر من عمره، وكانت أفضل معهد للتعليم العالي في شرق أوروبا، في تلك الفترة تحول عقل كوبرنيكوس بالفعل تجاه السماء وأخذ يسعى وراء العقول العظيمة في علم الفلك، وقد حدث أثناء إقامته في كراكوف أن دمج كتابين مهمين في علم الفلك في كتاب واحد لا تزال نسخة كاملة منه في مكتبة السويد عليها توقيعه، وتحتوي على كتابي الجداول الألفونسية وجداول الاتجاهات، وهما من النصوص الأساسية التي كان يستخدمها علماء الفلك في ذلك الوقت.
غادر كوبرنيكوس كراكوف دون الحصول على الدرجة العلمية وبدأ عمله في فرومبورك ولم يستقر لزمن طويل، حيث سافر إلى إيطاليا للحصول شهادة في القانون من جامعة بولونيا إرضاءً لخاله.
لم يكن كوبرنيكوس شغوفاً بدراسة القانون لكن التحاقه بالجامعة أتاح له حضور الفصول الأخرى بأي مجال يريده، فالتقى بدومينيكو ماريا دانوفارا أستاذ الفلك الذي كان قد بدأ بنشر أفكار جديدة وأعلن أن بطليموس الذي ظل زمناً طويلاً مرجعية أولى في جغرافية الأرض قد حسب خطوط العرض لمعظم مدن أوروبا خطأ واستنتج أن الأرض لا تقف ساكنة بل تدور حول محورها. فيما بعد ثبت أيضاً خطأ حسابات دانوفارا بدوره إلا أنه كان قد ترك أثراً عميقاً في نفس كوبرنيكوس وأهم ما تعلمه منه أن يتحدى المرء علناً المعتقدات الباطلة وإن سادت واعتنقها الناس طويلاً.
كانت روما في مستهل القرن الخامس عشر أول عاصمة للنهضة الأوروبية
كانت روما في مستهل القرن الخامس عشر أول عاصمة للنهضة الأوروبية
في عام 1500 انتقل كوبرنيكوس من بولونيا إلى روما بدون الحصول على درجة علمية أيضاً، وغير معروف إن كان وضعه المادي هو ما دفعه إلى ذلك أم رغبته في المشاركة بالاحتفال اليوبيلي الذي يقام مرة كل خمسين سنة في روما، الذي تقام فيه محافل واجتماعات علمية مميزة واحتفالات وترفيهات خاصة. اكتظت المدينة بالطلبة والزوار الآتين من كافة الأنحاء للاحتفال في العاصمة الأوروبية. واستغل كوبرنيكوس الفرصة لترسيخ مكانته العلمية كعقل عظيم أثار إعجاب العلماء والباحثين، فقد حاضر في الرياضيات أمام جمهور كبير من الطلبة وعظماء الرجال الخبراء في هذا الفرع من المعرفة.
انتقل كوبرنيكوس في العام التالي إلى بادوفا لدراسة الطب، وقد كان بها مدرسة للطب تحظى باحترام كبير، وتعلم فيها اللغة الإغريقية القديمة مما أتاح له دراسة مصادر قدماء الفلاسفة بلغتهم الأصلية متجنباً الأخطاء التي قد تسللت للنسخ المترجمة المختلفة وقارن بين النسخ الأصلية والنسخ المترجمة ووثق ما لحق بالأخيرة من أخطاء.
خطاب بالألمانية من كوبرنيكوس لدوق بروسيا يُسدي إليه نصيحة طبية
خطاب بالألمانية من كوبرنيكوس لدوق بروسيا يُسدي إليه نصيحة طبية
أتم كوبرنيكوس عامين من الدراسة الطبية ثم تركها دون الحصول على درجته أيضاً، وإن كان قد مارس الطب طوال حياته، ثم التحق بجامعة فيرارا وتمكن أخيراً من الحصول على درجة الدكتوراة بالقانون.

الاستهلال بعمل فذ

برج كوبرنيكوس في فرومبورك حيث كان يعيش ويعمل
برج كوبرنيكوس في فرومبورك حيث كان يعيش ويعمل
في 1510 انتقل كوبرنيكوس إلى فرومبورك وانشغل بكتابة بحثه الذي عرف فيما بعد باسم (تعليق صغير) ومن غير المؤكد معرفة متى أنهاه بالضبط، لكن الأمر الأهم هو المفاهيم التي دونت فيه وهي الإطار الأساسي لنموذج كوني ذي شمس مركزية.
كتب من هناك خطاباً يعرض فيه بالتفصيل أهم استنتاجاته وأرسله للعديد من الباحثين البارزين، وقد أُسست استنتاجاته على الافتراضات التالية:
  • ليس هناك مركز واحد لكل الكرات والدوائر السماوية.
  • مركز الأرض ليس مركز الكون، وإنما هو فقط مركز الجاذبية ومركز الكرة القمرية.
  • كل الكرات تدور حول الشمس كنقطة عند المنتصف ومن ثم فإن الشمس مركز الكون.
  • النسبة بين بعد الأرض عن الشمس وارتفاع قبة السماء (هي ما اعتقد كوبرنيكوس أنه مكان باقي النجوم) أصغر كثيراً من النسبة بين نصف قطر الأرض وبعدها عن الشمس، بحيث يبدو بعد الأرض عن الشمس ضئيل جداً مقارنة بارتفاع القبة.
  • الحركة التي تظهر في القبة تكون نتيجة لدوران الأرض حول قطبيها الثابتين دورة كاملة يومياً في حين تثبت القبة والسماوات العليا بلا تغيير.
  • ما يظهر على أنه تحرك للشمس لا ينشأ عن حركتها وإنما عن حركة الأرض، والأرض لها أكثر من حركة.
  • لا تنشأ الحركة الظاهرية المرتدة والحركة المباشرة للكواكب عن تحركها وإنما تنشأ عن تحرك الأرض، ومن ثم فإن حركة الأرض وحدها تكفي لتفسير التناقض الظاهري في حركة الأجرام السماوية.
ظهر نتيجة لهذه الافتراضات لأول مرة تصور لكون تتحرك فيه الأرض وتكون الشمس هي مركزه، لم يذكر كوبرنيكوس أي براهين رياضية في خطابه الأول، لكنه ذكر أنه سوف يفكر في أمرها ويوردها في وثيقة أخرى، تعد هذه إفادة هامة حيث تظهر أنه واصل التفكير في المشكلة وخطط لمزيد من الأبحاث.
وبعدما أنهى بحثه (تعليق صغير) ووزعه على عدد محدود من الجماهير، سرعان ما أدرك كوبرنيكوس العديد من الفجوات ببحثه بسبب اعتماده على أرصاد غير محققة، فاستغرق الأمر منه ثلاثة عقود ليأتي بالأدلة الكافية لدعم نظامه الشمسي الذي كشف عنه في النهاية في عمله الفذ (عن دورات الكرات السماوية).

عوائق في الطريق

tuton knights war
توفي فاتزنرود خال كوبرنيكوس في عام 1512 إثر مرضه، وشكل هذا ضربة موجعة له لأن خاله هو من كان يرعاه منذ موت والده المبكر.
كما ساءت الأمور أكثر بسبب محاولة فرسان التيوتون السيطرة على بولندا، واشتد القتال حول المنطقة التي يسكن فيها حتى وصل الأمر لإحراق أماكن سكنه وعمله، ففر إلى قلعة قريبة وأصبح أحد قادة المقاومة حتى تم توقيع معاهدة السلام عام 1521.

العمل الفذ

Nicolaus Copernicus telescope
على الرغم من هذه العوائق فقد واصل كوبرنيكوس عمله لتطوير أفكاره، وواصل القيام بأرصاده للأجرام السماوية حتى أنه اخترع أداة فلكية جديدة سميت بالطاولة الشمسية، وكانت عبارة عن مرآة تعكس ضوء الشمس على جدار رسمت عليه خطوط تمثل خط استواء وهمي للكون، فكان بالاستطاعة تحديد زمن الاعتدال التالي (يوم تساوي ساعات الليل والنهار) بالنظر إلى المكان الذي تسقط فيه الشمس على تلك العلامات، بهذه الأداة وغيرها تمكن كوبرنيكوس من تأليف كتابه (عن الدورات السماوية).
احتوى الكتاب على مزيد من التوسع والتنقيح لبحثه (تعليق صغير) حيث أسس لنظام شمسي وأبقى على فكرة السابقين حول الطبيعة الدائرية الكاملة لمدارات الأجرام السماوية، لكنه أعاد ترتيب النظام السماوي تماماً، ويبقى أهم ما أنجزه كوبرينكوس هو الكثير من الجداول والخرائط والبراهين الرياضية التي أُسست على مدار سنوات من أرصاده الفلكية التي تثبت نموذجه عملياً، وكان لهذا أهميته الشديدة، إذ بدون هذه الجداول والبراهين كان من المستحيل إثبات أن نموذجه يفسر حركة الشمس والكواكب والنجوم على نحو أفضل.
يعتقد مؤرخو علم الفلك أن الكتاب استغرق حوالي 26 سنة ليكتمل، وإن كان التاريخ الحقيقي غير مؤكد فإن معظمهم يتفقون على أنه بدأ في عام 1515 وأنهى معظم البحث بحلول عام 1535، إلا أنه بعد كل هذا الوقت والجهد لم يكن يشعر بعد بإمكانية اطلاع غيره على هذا العمل.
في النهاية استطاع ريتيكوس -وهو عالم شاب أتى للدراسة مع كوبرنيكوس- إقناعه بأن هذا البحث العظيم ينبغي أن ينشر، في سبيل ذلك قام (أي ريتيكوس) في عام 1540 بنشر توصيف موجز أسماه (السرد الأول) كجس نبض لما يمكن أن ينشأ من ردود أفعال عن كتاب كوبرنيكوس وللفت الانتباه أيضاً، بدا رد الفعل مشجعاً فقام كوبرنيكوس في عام 1541 بإرسال مخطوطته لتطبع في نورمبرج بألمانيا.

أسلوب الكتاب وأهم محتوياته

Nicolaus Copernicus Book
قُسم الكتاب إلى ستة أقسام قُسمت بدورها إلى فصول؛ يحتوي الفصل الأول من كل قسم على وصف تأسيسي لفكرته الجديدة، بينما توضح الفصول التالية براهينه باستخدام الهندسة وخرائط الأرصاد كمعطيات مدعمة. بنى كوبرنيكوس حججه بأسلوب منطقي واعتقد أنه بهذه الطريقة تمكن من البرهنة على الفرضية التي فرضها في مقدمة الكتاب وهي أن الأرض تتحرك حول محورها الخاص أثناء دورانها حول الشمس التي تقع في المركز.
عرض كوبرنيكوس في القسم الأول أجزاء من معارف علم الفلك السابقة يعتقد أنها حقيقية، كأن وافق المرجعيات القديمة في اعتقادها بأن الكون يتألف من كرات تترابط فيما بينها وتبقي الشمس والكواكب والنجوم فيها، ثم أتبع ذلك بتوضيح كيف أنه لا يتفق مع القدماء في أن الأرض لا تتحرك، وضمن بنداً درامياً رسم فيه خريطة جديدة للسماء بين فيها الشمس وهي تقبع في الوسط تدور حولها بقية الكواكب ولأول مرة في عهد الطباعة يرى الناس الأرض ككوكب مثل بقية الكواكب لا تحتفظ بالمركز الرئيسي.
Nicolaus Copernicus Book Pages
وصف في القسم الثاني هندسة الدوائر التي تبرهن على هذا التغيير الجذري، ووضح في القسمين الثالث والرابع كيف أن فكرته تضفي دقة أعظم للتنبؤ بالانقلابات والاعتدالات الشمسية، وفي القسمين الأخيرين قدم المعادلات التي تصف بدقة حركات الكواكب الخمسة، وقدم عند كل نقطة من كتابه جداول الأرصاد التي قام بها سعياً للحصول موافقة وتأييد المتعلمين والباحثين.

نتائج الكتاب

عُد الكتاب نوعاً من الهرطقة إلا أن علماء الفلك لم يستطيعوا تجاهله لما فيه من براهين رياضية وأرصاد فلكية دقيقة، مثال لذلك ما قدمه تيكو براهي وهو فلكي عينه ملك الدنمارك لتحديد ما إذا كان كوبرنيكوس على صواب أم خطأ، ولم يوافق براهي على نموذج كوبرنيكوس، ولما كان في حاجة لمعطيات دقيقة لتفنيد النموذج الشمسي فقد أجرى أرصاداً فلكية بالغة الدقة وراح يجري تحسينات على أدوات الرصد حتى صنع ما يمكن اعتباره أول مرصد فلكي حقيقي.
أدى ذلك بالنهاية إلى عكس ما أراد براهي حيث قام مساعده جوهانز كبلر بالاعتماد على تلكم الأرصاد الدقيقة لدعم كوبرنيكوس ودحض ما عند براهي من الحجج المضادة، أدرك كبلر صحة نموذج كوبرنيكوس ولكنه أثبت خطأه في اعتقاد أن الأرض تتحرك في مدار دائري واستنتج بذلك المدارات البيضاوية للأرض وبقية الكواكب حول الشمس واكتشف انطلاقاً من بحث كوبرنيكوس القوانين الثلاثة لحركة الكواكب التي لا زالت مستخدمة حتى اليوم.
جاليليو وكبلر أبرز من ساندوا نظرية كوبرنيكوس
جاليليو وكبلر أبرز من ساندوا نظرية كوبرنيكوس
وفي عام 1632 نشر جاليليو كتابه (حوار بين النظامين العالميين البطلمي والكوبرنيكي) أعطى فيه لنظام كوبنيكوس المصداقية التي يستحقها. لإثبات صحة نموذج كوبرنيكوس كان جاليلو قد أنشأ تليسكوباً محسناً تحسيناً هائلاً أتاح له أرصاداً أكثر دقة بكثير، واكتشف أن كوكب الزهرة أقرب إلى الشمس منه إلى الأرض ما دعم أكثر النظام الشمسي، وقدم أفكاراً كثيرة حول الجاذبية وطريقة عمل القوى أدت لمزيد من التنقيح لنظام كوبرنيكوس.
وعلى الرغم من أن جاليليو برهن بما لا يدع مجالاً للشك على أفضلية نظرية كوبرنيكوس إلا أنه أُدين هو وكتابه في النهاية، ورغم ذلك انتشرت كتابات كبلر وجاليلو في المجتمع العلمي المتنامي وتمكن العالمين من المزج بين الحلول الرياضية والأرصاد التي تتزايد دقتها فصار من العسير على النقاد أن ينكروا أبحاثهما ونموذج كوبرنيكوس الذي بنيت عليه.

خاتمة

في عام 1943 بعد أربعة قرون من نشر عمله الفذ نال نيكولاس كوبرنيكوس التقدير الجماهيري الذي يستحقه، وأقيم احتفال هائل بتلك المناسبة اشترك فيه جمع غفير من الباحثين والشخصيات العالمية ليلقوا الضوء على أهمية دور كوبرنيكوس بالنسبة لفهمنا لذلك الكون الذي نعيش فيه، وتضمنت الاحتفالات تخصيص لوحات ونصب تذكارية لكوبرنيكوس وإنتاج تمثيليات إذاعية تعرض اكتشافاته وأحاديثه في سياق درامي.

ليست هناك تعليقات