لماذا يفرض علينا إغلاق أجهزتنا الإلكترونية أثناء الطيران؟


في 2013 قررت إدارة الطيران الأميركية السماح للمسافرين باستخدام الأجهزة الإلكترونية خلال رحلاتهم الجوية بما في ذلك لحظات الإقلاع والهبوط منهية بذلك منعا امتد لخمسين عاما، وتبعها في ذلك العديد من شركات الطيران العالمية، في حين واصلت شركات طيران عديدة التمسك بمنع استخدام الأجهزة الإلكترونية خلال رحلاتها الجوية، فلماذا يجب علينا إغلاق الأجهزة؟ ولماذا سمح باستخدامها لاحقا؟
 
بمجرد أن تستعد الطائرة للإقلاع يخرج إلى الركاب صوت برسالة معتادة تطلب منهم إغلاق أجهزتهم الإلكترونية.

ووفقا للإجراءات التنظيمية التي تعتبر موحدة حول العالم، فإن استخدام الأجهزة المتنقلة غير مسموح به على ارتفاعات أقل من ثلاثة آلاف متر، ويشمل ذلك "وضع الطيران" في الهاتف الذي يوقف إشارات البث، لكن فوق هذا الارتفاع فإن استخدام أجهزة مثل الحواسيب المحمولة ومشغلات الموسيقى مسموح، في حين يجب أن تظل الهواتف مغلقة.

وهذه الإجراءات هدفها تجنب تداخل خطر محتمل بين إشارات تلك الأجهزة والأنظمة الإلكترونية الحساسة على الطائرة، لكن هل لهذه المخاوف أي أسس علمية؟

من المعروف أن الطائرات تستخدم مئات الأنظمة القائمة على الإلكترونيات والتي تعرف باسم "أفيونيكس" (إلكترونيات الطيران) التي تستخدم للملاحة والتواصل مع الأرض ولتتبع المكونات التي تحافظ عليها في الجو، وبعض هذه الإلكترونيات ينطوي على أجهزة استشعار تنقل معلومات إلى قمرة القيادة.

وتأتي مخاوف التداخل من حقيقة أن الهواتف الذكية وحتى الأجهزة الإلكترونية الأخرى مثل أجهزة آيبود والحواسيب اللوحية والمحمولة وأجهزة الألعاب المتنقلة تبث جميعها أمواج راديو، وإذا كانت الترددات التي تبث عليها تلك الأجهزة قريبة من ترددات أنظمة "أفيونيكس" فإن الإشارات والقراءات قد تكون خاطئة.

ويمكن لذلك أن يؤثر على أنظمة مثل الرادار والاتصالات وتقنية منع التصادم، وتزيد المخاطر أكثر إذا كانت تلك الأجهزة متضررة وبدأت تبث أمواج راديو أقوى مما يتوجب، أو إذا اجتمعت معا إشارات من عدة أجهزة.

قمرة القيادة تضم أجهزة رادار واستشعار ومنع التصادم التي يحتمل أن تؤثر عليها أمواج الراديو لأجهزة الركاب

هذا من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية فإنه لا يوجد أي حوادث طائرات مسجلة على الإطلاق تؤكد أن مثل تلك التداخلات تسببت في وقوعها، لكن مع ذلك فإن أسباب بعض الحوادث يمكن أن تظل أحيانا غير معروفة، حيث لا يمكن لمسجل الرحلة أن يميز إن كان خللا رئيسيا في أحد الأنظمة حدث نتيجة تداخل إلكترومغناطيسي من أجهزة الركاب.

ما الذي تغير الآن؟

لكن مع وجود هذه المخاطر المحتملة فإن إدارة الطيران الأميركية أجازت في 2013 استخدام الهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية الأخرى في الطائرات أثناء عمليتي الإقلاع والهبوط ما دامت الطائرة محمية جيدا من التداخلات الإلكترونية وحصلت شركة الطيران على موافقة منها، لكن يجب مع ذلك وضع الهواتف على نمط "الطيران" أثناء الاستخدام.

وعلاوة على ذلك، فإن بعض شركات الطيران بدأت تتيح للمسافرين استخدام الهاتف للاتصالات أثناء الطيران مثل شركتي "فيرجن أتلانتك" و"دلتا إيرلاين" الأميركيتين، حيث تضم طائراتهما أنظمة خاصة مثل "أون أير" و"أيروموبايل" التي تستخدم محطات محمول مصغرة على متن الطائرة تسمى "بيكوسلز" تتيح للأجهزة بث الإشارات عند مستويات منخفضة.

وتتم معالجة البث وإعادة بثه إلى قمر صناعي ومن ثم توجيهه إلى الشبكات الأرضية، الأمر الذي يتيح استخدام الهواتف المتنقلة بما يشبه "خدمة التجوال الدولي" عندما يستخدم الشخص هاتفه في دولة أجنبية، باستثناء أنه في تلك الدولة لا تحتاج إلى استخدام وصلة أقمار صناعية.

إن أنظمة مثل "أيرو موبايل" تتيح لك استعمال هاتفك للاتصالات على ارتفاعات عالية جوا ولكن ليس خلال الإقلاع أو الهبوط، في حين تجيز إدارة الطيران الأميركية تشغيل الهواتف في كافة مراحل الطيران لكن عند نمط "طيران" الذي لا يمكن معه إجراء مكالمات هاتفية.

ورغم ذلك فإن العديد من شركات الطيران تفضل اتخاذ جانب الحيطة والحذر وتمنع المسافرين من تشغيل الأجهزة أثناء عمليتي الإقلاع الهبوط لأنه لا يزال من الصعب إثبات عدم وجود تداخل.

رغم عدم ثبوت خطورة تشغيل الأجهزة الإلكترونية أثناء عمليتي الإقلاع والهبوط فإن معظم شركات الطيران لا تزال تحظر ذلك

القيود الأميركية الجديدة

اعتبارا من الثلاثاء 21 مارس/آذار 2017 قررت الولايات المتحدة منع ركاب الرحلات القادمة إليها من ثماني دول في الشرق الأوسط من اصطحاب الأجهزة الإلكترونية الشخصية الأكبر من الهواتف المتنقلة (مثل الحواسيب اللوحية والمحمولة وكاميرات التصوير والألعاب الإلكترونية) معهم أثناء الطيران لكن يمكن وضعها في حقائب الشحن، وهذه الدول هي مصر والأردن والمغرب وقطر والسعودية والكويت والإمارات وتركيا.

يشار إلى أن أسباب الحظر الجديد هذا لا علاقة لها بما تحدثنا عنه سابقا، حيث إن القرار الأميركي الجديد اتخذ لأسباب أمنية وربما لتهديد محتمل مصدره تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، الفرع اليمني لتنظيم القاعدة، حسب ما نقلت شبكة سي أن أن الإخبارية عن مسؤول أميركي.

المصدر