أقبية متجمدة سرية لحفظ نباتات العالم



في أماكن مخفية بعيدا وذات بيئات قاسية منتشرة حول العالم، بنيت بنوك تشبه الحصون لحماية التنوع البيولوجي للحياة على الأرض والحفاظ عليه.

وأشهر هذه الأمكن هو "قبو البذور العالمي" (Global Seed Vault) الموجود في جزيرة سفالبارد النرويجية في المحيط المتجمد الشمالي، بسبب مستوى الأمن وحجمه. وهناك فعليا شبكة كاملة من العلماء والمؤسسات مكرسة فقط للحفاظ على كافة أنواع النباتات على كوكب الأرض.

لكن المفارقة أن تغيرات المناخ تهدد بجعل هذه الشبكة من بنوك البذور مهددة مثلها مثل النظام البيئي التي تسعى لحمايته، وهذا ما أظهرته مؤخرات فيضانات مرفق سفالبارد.

فوفقا للمصورة الأميركية دورنيث دوهرتي التي أمضت السنوات الثماني الأخيرة بالسفر حول العالم لتوثيق بنوك البذور هذه، وألّفت في النهاية كتابا جديدا يحمل عنوان "أرشفة عدن"؛ فإن العديد من بنوك البذور التي زارتها تضم مختبرات بحث ملتزمة بالحفاظ على البذور لأكثر من مئتي عام.

ففي سفالبارد -على سبيل المثال- تحفظ البذور في صناديق سوداء في غرفة القبو عند 18 درجة مئوية تحت الصفر.

ورغم أن بنوك البذور عادة مغلقة أمام الناس، والصور المتاحة لها تكون عادة للبناء الخارجي، فإن دوهرتي حصلت على إذن لتوثيق الداخل، وكان هذا أبرز ما يميز كتابها، حيث تقول "إن التواجد داخل قبو البذور يحبس الأنفاس".

وتضيف الكاتبة "مع برد شديد ممتلئة بصوت الهواء المندفع من خلال الرفوف، كنت محاطة ببذور وُضعت في حالة السبات، محفوظة لمستقبل بعيد ومجهول".


بُني قبو سفالبارد داخل جبل في الجزيرة النرويجية في أقصى شمال القطب الشمالي، ويظل القبو باردا بفضل التجمد وصخوره السميكة. وقُصِد من بيئته الحفاظ على العينات مجمدة حتى في حالات عدم وجود طاقة، ولهذا كان الأمر مثيرا للقلق جدا عندما ذاب الجليد وغمر المنشأة.

فبالرغم من أنه تم اختيار القطب الشمالي كموقع لبنك البذور بسبب مناخه البارد جدا، فإن الاحتباس الحراري يؤثر عليه بالفعل بشكل جذري أكثر من أي مكان آخر في العالم.

وسفالبارد ليست بنك البذور الوحيد، فقد سحب العلماء البذور في 2015 في وقت أبكر بكثير من المتوقع، بعدما دمرت الحرب في سوريا البذور في مستودع محلي.

وتشير دوهرتي إلى أنها سافرت إلى أكثر من 16 بنك بذور حول العالم لوضع سلسلة الصور في كتابها، بما في ذلك "المركز الوطني لحفظ الموارد الوراثية" في كولورادو، و"بنك بذور الألفية" في إنجلترا، و"محطة كوبان التجريبية" في روسيا.

وبسبب تغير المناخ وعدم الاستقرار السياسي -وكلاهما تعزز بشكل كبير بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ- ازدادت أهمية بنوك البذور هذه للحفاظ على نسخ احتياطية من النباتات، أكثر من أي وقت مضى.

المصدر