اكتشاف جزيئات هيدروجين غريبة في الطبقات العليا من غلافنا الجوي




وجود غير متوقع

عثر الباحثون على نوع من ذرات الهيدروجين الذري الساخنة في طبقة عليا من طبقات الغلاف الجوي للأرض – في حين يخبرنا فهمنا الحالي للفيزياء أنه لا ينبغي أن تكون هذه الذرات قادرة على التواجد في هذا المكان.

و يمكن لهذا الاكتشاف أن يغير فهمنا تماماً للكيفية التي يعمل بها الغلاف الجوي للأرض، بما في ذلك كيفية دوران الهيدروجين من حوله، وكيف يحمي الغلاف الجوي كوكبنا والتكنولوجيا الخاصة بنا من الطقس الفضائي القاسي كالعواصف الشمسية.

قالت رئيسة فريق الباحثين لارا والدروب Lara Waldrop من جامعة إلينوي "نظرياً توجد ذرات الهيدروجين الساخنة H على علو شاهق على بعد الاف الكيلومترات، إلا أن اكتشاف وجودها على ارتفاع منخفض يصل حتى 250 كيلومتر كان مفاجأة حقيقية".

" وتشير هذه النتيجة إلى أن النماذج الحالية للغلاف الجوي تفتقد بعض الفيزياء الأساسية التي تؤثر على العديد من الدراسات المختلفة بدءاً من هروب الغلاف الجوي وحتى البنية الحرارية للطبقة العليا من الغلاف الجوي."

الذرات الساخنة هي ذرات لها كميات عالية من الطاقة الانتقالية (القدرة على التحرك من مكان إلى آخر)، وهو ما يعني أنها تتحرك بسرعة عالية. وتتشكل هذه الذرات عندما يلتصق جزيء بسطح، فيتم إطلاق ذرة الهيدروجين مع كميات كبيرة من الطاقة.

ولأن ذرات الهيدروجين خفيفة للغاية، فيمكنها التغلب على الجاذبية بسهولة، وتهرب بشكل تام الى فضاء ما بين الكواكب ،في الواقع هذا يبين كيف انتهى الأمر بالمريخ بخسارته لمعظم مياهه. وبناء على ذلك، توقع الباحثون وجود ذرات الهيدروجين الذرية الساخنة هذه في المستويات العليا جداً من الغلاف الجوي.

ولكن لم يكن من المتوقع وجودها في المستوى المعروف بالثيرموسفير (الغلاف الجوي الحراري) والذي يبدأ من على ارتفاع 85 كيلومتر و يمتد حتى ارتفاع 500 كيلومتر فوق كوكبنا، ويضم العديد من الأقمار الصناعية التي تدور حول كوكبنا .


ولكن هذا ما قد وجده الباحثون الآن، وذلك باستخدام قدرات الاستشعار للقمر الصناعي الحراري الديناميكي في طبقات الثيرموسفير والأيونوسفير والميزوسفيرThermosphere Ionosphere Mesosphere Energetics and Dynamics (TIMED) satellite.

إنه أمر مهم ،لأن ذرات الهيدروجين هذه تلعب دوراً حاسماً في الفيزياء التي تحكم الغلاف الجوي العلوي للأرض، وتعمل بمثابة درع مهم لكوكبنا في مواجهة الاندفاعات الشمسية. كما أنها تحمي أجساماً أخرى مثل الأقمار الصناعية من المحيط الفضائي القاسي.

كان الفريق قادراً على معرفة كمية ذرات الهيدروجين المتواجدة في الغلاف العلوي، حيث أن ذرات الهيدروجين قادرة على تشتيت الاشعة فوق البنفسجية للشمس، وعن طريق حساب كمية الضوء المشتت بواسطة القمر الصناعي TIMED، تمكن الفريق من معرفة كمية و أماكن توزع ذرات الهيدروجين. ولكن عندما حصل الفريق على هذه البيانات مباشرة، لم يكن بإمكانه استنتاج أي شيء، إذ لم يكن من المفترض وجود ذرات الهيدروجين الساخنة في ذلك المكان .

ويقول أحد أعضاء الفريق جيانكي كين Jianqi Qin:"لا تسمح الافتراضات التقليدية حول فيزياء الغلاف الجوي العلوي بوجود ذرات هيدروجين ساخنة على هذا الارتفاع، وحين غيرنا نهجنا لنتجنب هذا الافتراض غير الفيزيائي، أصبحنا قادرين على تفسير هذه البيانات للمرة الأولى"

وأظهر الباحثون عبر نموذجهم الجديد أنهه كلما قل النشاط الشمسي كلما زاد عدد ذرات الهيدروجين الساخنة في الثيرموسفير، و يساعدنا هذا النموذج الجديد على فهم كيفية عمل الغلاف الجوي بشكل أفضل في المستقبل.

ويقول كين :"أدى تحليلنا للبيانات القادمة من القمر الصناعي إلى استنتاج غير بديهي وهو أن درجة حرارة ذرات الهيدروجين ترتفع بشكل واضح بتناقص النشاط الشمسي، بخلاف درجة حرارة الغلاف الجوي المحيط، والتي تنخفض بانخفاض النشاط الشمسي". ووجد الفريق أيضاً أن وجود ذرات الهيدروجين الساخن في الغلاف الحراري يؤثر بشكل كبير على توزيع ذرات الهيدروجين العادية خلال بقية الغلاف الجوي.

ولكن السؤال الكبير الآن هو من أين تأتي هذه الذرات الساخنة ، إذ يبقى ذلك لغزاً. وتقول والدروب: "نعلم أنه ينبغي وجود مصدر لذرات الهيدروجين الساخنة، إما في الثيرموسفير المحلي، أو في طبقات تقع على مسافات أبعد في الغلاف الجوي، إلا أننا لا نملك إجابة محكمة حتى الآن".


ويضيف كين:" سنواصل عملنا على حل هذا اللغز، إذ من المهم جداً معرفة توزع كثافة الهيدروجين الذري بالنسبة للأبحاث عن نظام غلافنا الجوي إضافة إلى استجابته للطقس الفضائي، والذي يؤثر على العديد من التقنيات المعتمدة على الفضاء بالإضافة إلى أهميتها بالنسبة لمجتمعاتنا المعاصرة".

المصدر 

ليست هناك تعليقات