هل كان للمريخ ثلاثة أقمار؟




قمري المريخ، فوبوس Phobos وديموس Deimos، صغيرين وشكلهما غير منتظم، إلا أنهما يدوران في نفس المستوى الاستوائي الخاص بالكوكب الأحمر Mars. وحتى مع الاعتقاد الذي ساد لفترة طويلة والذي يشير إلى أنهما كويكبات يأسرها الكوكب، تبقى مداراتهما احتمالًا غير وارد على الإطلاق. فكانت هناك احتمالية آخرى، وهو نشوء قرص من الحطام بعد اصطدام هائل، بشكل مماثل للطريقة التي تشكل فيها قمرنا. 


وينتج عن هذا الاحتمال البديل مدارات استوائية، إلا أنها عادةً ما تنتج قمرًا واحدًا كبيرًا جدًا على الأقل. ومع ذلك، أظهرت محاكاة جديدة كيف يمكن لاصطدام أن يتمخض عن ثلاثة أقمار حول المريخ، حيث يتحلل أكبرها، وهو الداخلي، لينتج بذلك النظام المريخي الذي نراه اليوم.



وقد يكون قمرنا على هذا النحو الذي اعتدنا رؤيته منذ الصغر، لكنه أعجوبة كونية بين الكواكب الصخرية. فمن بين جميع عوالم نظامنا الشمسي الصخرية، نحن الوحيدون الذين نملك قمرًا صخريًا. فعطارد بدون أقمار، وكذلك الزهرة، وللمريخ قمريه الصغيرين جدًا فوبوس Phobos وديموس Deimos، اللذان يدوران حوله، فوبوس وديموس لا يشبهان قمرنا فقطريهما فقط 22 و12 كم، فشكليهما صغيران وغريبان بالفعل. و بصراحة بالغة، إنهما يشبهان الكويكبات asteroids أكثر من الأقمار.

  

 
إلا أن الأسر الثقالي للكويكبات عشوائي تمامًا. فاحتمالية دورانها باتجاه معاكس أو احتمال انحراف مداراتها عن الدائرية هي احتمالات مساوية لدورانها في أي اتجاه، ومع ذلك يبدو كلاهما وكأنهما يدوران في مدارين دائريين كاملين تقريبًا، وقريبان من المريخ بشكل غير اعتيادي. وقد يكون لهما شكل وتركيب يشبه الكويكبات، إلا أن لمداراتهما رواية أخرى.



تتخذ الأجسام مدارات دائرية فقط حين يمضي على تشكلها زمن طويل، وذلك بدءًا من تشكيلة لقرص ابتدائي لنوع محدد من الحطام. ومدارات كواكبنا دائرية حول الشمس لأنها تشكلت من قرص كوكبي أولي ومبكر، كما أن مدارات أقمار الكواكب الغازية العملاقة دائرية لأنها تكونت من قرص غبار محيط بكل من هذه الكواكب، وقمرنا لديه مدار شبه دائري لأنه تشكل من تصادم كبير نتج عنه قرص فائق الكتلة حول الأرض قبل 4.5 مليار سنة تقريبًا.

  

وسجل المريخ Mars ، كالعديد من الكواكب في نظامنا الشمسي، دلائل لتاريخ من الاصطدامات الهائلة. بعضها صغير خلف فوهات متواضعة، بينما أخرى لابد وأنها كانت هائلة، كالاصطدام المسؤول عن حوض بورياليس Borealis الكبير. ولابد أن ذلك الاصطدام وقع قبل مليارات السنين، إلا أنه دفع بحطام أكثر من ذلك الذي سيؤدي إلى تشكيل قمرين صغيرين.
 
ومع ذلك فإن فوبوس، أكبر القمرين وأقربهما إلى المريخ، يبعد مداره 6000 كم عن سطح الكوكب وهو أقرب أقمار المجموعة الشمسية المعروفة إلى كوكبه. أما ديموس فيبعد مداره عن المريخ 23000 كم، وهو أبعد بكثير بالمقارنة مع ديموس إلا أنه رغم ذلك يبقى قريبًا جدًا من المريخ.




برهن فريق بقيادة باسكال روزنبلات Pascal Rosenblatt، وذلك في ورقة نشرت في مجلة Nature Geoscience، أن الاصطدام الكبير الذي أدى إلى تشكل هذا الحوض لابد وأنه قد أطلق قرصًا كثيفًا من الحطام حول المريخ. حسب معطيات الاصطدام، وكل ما يلزم هو بضع آلاف من السنين فقط لتشكل قمر كبير فطره بضع مئات من الكيلومترات بالقرب من سطح المريخ، وذلك بفضل القرص الكثيف القريب من الكوكب. وأدى التأثير الثقالي للكوكب على القرص الخارجي إلى انعدام الاستقرار، والذي من الممكن أن فوبوس وديموس قد نتجا عنه، وذلك وفقًا للمحاكاة.


  
وبينما كان من المقدر للقمر الكبير الدمار مديًا وأن يسحب إلى سطح المريخ ويحتك بغلافه الجوي بعد 5 ملايين سنة، تمكن القمران الآخران من البقاء -والمؤلفان من مزيج من مكونات سطح المريخ ومكونات الجسم الذي اصطدم به.

إذًا، كان لكل من فوبوس وديموس أخًا أكبر في الماضي، وربما عمر بضع ملايين من السنين. وبقي هذان القمران بعد مرور عدة مليارات من السنين. قد يتحطم فوبوس أيضًا في غضون عدة مليارات من السنين. وفي حال صحة النظرية الجديدة، سيكون لدى علماء المستقبل ديموس إضافة إلى أحواض على سطح المريخ تؤلف مجتمعة هذه الرواية. وإنه لتذكير قاس على أفول الماضي في نظامنا الشمسي والكون عمومًا. والناجون هم الأساس الذي سنبني عليه تاريخه.
 

ليست هناك تعليقات