هل تعتقد أنّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يقلل القدرات الذهنية؟ حسنًا، أنت مُخطئ!
“علماء الاجتماع كانوا متحيرين لفترة طويلة عن أسباب ارتفاع معدلات الذكاء السريع، والآن عليهم القلق حيال تعقد وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا”
وسائل التواصل الاجتماعي تملأ حياتنا وحياة أطفالنا، الآباء والمعلمين بالتحديد يشنون حملات يومية حيال الوقت الذي يمضيه الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنّ الموضوع يتعلق بالموازنة بين الشاشة والنشاط الجسدي.
هناك بعض الآثار الواضحة الناتجة عن التصاقك بالشاشة لمدة 18 ساعة التي يمكن تخفيفها ببعض النشاط الجسدي. لكن الخوف الآخر من الطريقة التي يستخدم الشباب اللغة بها على السوشيال ميديا، الذي يمثل انحطاطًا لغويًا. المشكلة تكمن في استخدامهم للإيموجي واختصارات الكلمات، والقواعد النحوية المهلهلة هو طريق لكارثة مستقبلية. لكن هل هذا صحيح؟
سميرنوف قد درس وبحث في مدى تعقد الرسائل المُرسلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع مرور الزمن، وكان ما وجد مُفاجِئ كذا غير متوقع.
بدأ سميرنوف بمجموعة بيانات من الرسائل المرسلة على السوشال ميديا من قبل مليون شخص تقريبًا بين عامي 2008 و 2016 في سانت بطسربرغ. الرسائل تم تجميعها من موقع تواصل اجتماعي روسي يسمى VK، وهو موقع شبيه بفيسبوك، ويحتوي في بشكل كامل على مليار كلمة تقريبًا. البيانات كانت تحتوي على العمر الزمني للأفراد المُرسلين للرسائل والجامعة التي تخرجوا منها.
سأل سميرنوف سؤالًا مثير للاهتمام، كيف تغيّرت صعوبة هذه الرسائل على مرّ الزمن؟
التعقيد عند قياسه هو مفهوم مُخادع. العبارات على السوشيال ميديا أصعب لقياسها من العبارات العادية؛ لأنّها لا تحتوي على علامات الترقيم التقليدية، بل على العكس قد يكون إيموجي هو البديل لنقطة نهاية السطر مثلًا.
قام الباحث باستخدام كلمات متوسطة الطول كمعيار لقياس تعقد الرسائل على افتراض أنّ الرسائل الطويلة توصل رسائل معقدة أكثر، ثم يحلل المُعطيات المأخوذة على مرور الوقت ويرى مدى تغيّر تعقد هذه الرسائل، كيف يمكن لتعقد رسائل شخص ما التغيّر مع السن، وتنوعها باختلاف المستوى التعليمي، أو الخلفية الأكاديمية وفقًا لانتمائه الدراسي.
وكانت النتائج مثيرة للاهتمام، حيث ازداد تعقد الرسائل خلال عشرينات عُمر الفرد بينما تستقر في الثلاثينات، ثم تزداد تعقيدًا في الأربعينات. الناس ذوي المؤهلات الدراسية العليا يميلون أيضًا لاستخدام كلمات معقدة.
وعلّق الباحث أنّ المنشورات الآن تزداد تعقيدًا، وأنّ هذا لا يمكن إرجاعه لعامل السن وحده.
بعض هذه التغيرات يمكن إرجاعها إلى التطورات التكنولوجية الحادثة، حيث لوحظ زيادة كبيرة في عام 2011 يمكن إرجاعها لواجهة ما جعلت إرسال الرسائل أسهل.
طفل في الخامسة عشر من العمر في 2016 يكتب رسائل أكثرتعقيدًا من أيّ شخص في أيّ مرحلة عمرية في 2008
إنّ هذا يشبه تأثير فلينّ، تأثير فلينّ هو الزيادة المطردة في معدلات الذكاء بين الناس، في جميع أنحاء العالم منذ 1930. التأثير كبير، حيث أنّ الناس في الولايات المتحدة في الثلاثينات من القرن الماضي، كانوا يملكون معدل ذكاء أقل من 80 بالنسبة للمعايير الحديثة (يجب أن يكون متوسط معدل الذكاء 100)، قد أطلق سميرنوف على هذا التطور السريع في الذكاء منذ عام 2011 بتأثير فلينّ الرقمي.
ليس من المؤكد بعد لما هذه الزيادة في معدلات الذكاء. لكن المؤشرات الأولية تُشير إلى التغذية السليمة، جودة التعليم، صغر حجم العائلات، التعود على الامتحانات وأسباب أخرى.
إذًا، هناك غموض ما يقوم علماء اللغة وعلماء الاجتماع وكذا مُحللو البيانات بمحاولة فكّه. بالنسبة للآباء والمعلمين، قد تحاول هذه الدراسة إيصال رسالة لهم، أنّ السوشيال ميديا ليست عائقًا في وجه قدرات الشباب الذهنية، بل إنّها تُنمّيها، لكن هذا الاستنتاج يحتاج إلى مزيد من الدراسات لتقويته.
التعليقات على الموضوع